بلاد سومر جنه عدن في الجنوب
تعتبر الاهوار من اغنى مناطق العالم من حيث تنوع الحياة المائية او البرية وهي الخزان المائي للمياه العذبة استوطنها الانسان منذ (5000) سنة وتعتبر محطة استراحة للطيور المهاجرة من سيبيريا الى افريقيا وبالعكس وموطن الجاموس والبقر والاسماك والطيور وصفها الباحثون والمستكشفون الاجانب بانها جنة عدن وكانت الحرفة الرئيسية لمعظم السكان هي صيد السمك والطيور حيث وصلت كميات الاسماك التي يتم اصطيادها في الاهوار اكثر من (100) الف طن.
وفي الالف الرابع قبل الميلاد استوطنها السومريون الذين هم من اقدم الشعوب العريقة التي استطاعت وضع لبنات الحضارة الاولى في القسم الجنوبي من العراق القديم الذي عرف ببلاد سومر.
تقدر المساحة الاصلية للاهوار بحوالي (7700)كم2 وكلها من البحيرات الكبيرة تتخللها جزر صغيرة سكنها الناس وزرعوها بمختلف المحاصيل والاشجار وفي عام 1992 تعرضت الى اكبر عملية بتجفيف لمستنقع مائي في العالم مما ادى الى انحسار المياه وبقيت اماكن قليلة شكلت بركا صغيرة وتركزت في هور الحويزة وتحول المستنقع المائي الى اراض جافة متشققة وتملحت الارض وجفت البيئة وبدأت تظهر انواع جديدة وغريبة من الارض التي لم تكن تعرفها المنطقة.
وبدأ النظام السابق بتجفيف الاهوار وذلك بحفر القنوات والانهار التي تسرب المياه العذبة الى البحر وادت هذه العملية الى موت الاعشاب التي كانت تعتاش منها الابقار والجاموس وبذلك اضطر اكثر من (300000) نسمة هم سكان هذه المنطقة الى الهجرة باتجاه المدن العراقية القريبة او الى ايران واحرق القصب والبردي وتم رشه بمبيدات كيمياوية.. ومارس النظام السابق التهجير القسري لسكنة الاهوار دون تعويضات ومنع السكان من ممارسة الكثير من النشاطات الاقتصادية مما ادى الى اضطرار السكان الى ترك اعمالهم والرحيل بحثا عن سبل العيش.. كذلك اطلق كميات كبيرة من المياه الملوثة الناتجة من استصلاح الاراضي عبر الانهر المغذية الى الاهوار وهذا بدوره ادى الى تغيير سلبي لمجمل التكوين البيئي الطبيعي بالاضافة الى المجازر الجماعية والاعتقالات العشوائية للسكان واستخدام الاسلحة الثقيلة اثناء تصفية المعارضين السياسيين.
ومن القرى المهجرة حماسة وام حوالي التي تقع غرب نهر الصلال وابو جربه وابو الصناديك والحمرة في الدير والجلع وابو الجولان والبدري في المدينة والهويلي والطويل وابو شذر غرب نهر العز وغيرها من القرى.
تقدر مساحة الارض التي تم تجفيفها حوالي (9000) كم2 ويمثل هور الحمار مثلثا يبلغ طول احد اضلاعه (120)كم وتعتبر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التجفيف واحدة من اهم الجرائم التي قام بها النظام السابق يقول المهندس علاء البدران مسؤول وحدة انعاش الاهوار في مجلس محافظة البصرة:
ـ ان البيئة السيئة التي لحقت ببيئة جنوب العراق اشتملت على تغييرات مناخية هي الاسوأ على الاطلاق حيث ادت الى ظهور امراض جلدية لم تكن معروفة سابقا وكذلك اصابات كثيرة بامراض الحساسية بانواعها المختلفة واصيبت بساتين النخيل وكثير من بساتين الفاكهة التي كانت تشتهر بها البصرة بالامراض الكثيرة والتي ادت الى هلاك مساحات شاسعة منها وما تبقى اصبح عديم الجدوى الاقتصادية اضافة الى اصابات بحشرة الارضة في بساتين النخيل خصوصا شمال البصرة وكانت هذه البساتين تعيش في بيئة مضمورة المياه يتعذر على هذه الحشرة اختراقها والانتقال من مكان الى اخر بسهولة.
واضاف كانت النباتات التي تعيش في هذه البيئة المائية توفر الاوكسجين الضروري للحياة والذي يبعث على الحيوية والنشاط اضافة الى تبخر كميات من المياه تقدر بحوالي ملياري متر مكعب لتبقي درجات الحرارة ضمن معدل مقبول نسبيا كما ادى التجفيف الى ظهور بقع من النفط الموجود طبيعيا في كل مناطق الاهوار.
واختتم حديثه بالقول:
ـ نحن بصدد ارجاع الحياة الى الاهوار كما كانت فقط نحتاج الى وقت وفعلا عاد بعض سكان الاهوار في هور الحمار واعيدت كميات من المياه لتغطي هذا الهور وقامت منظمة كارتاس بتبليط الشوارع الرئيسية في هذه المنطقة ومدت انابيب للمياه من قبل شركة بكتل وتدهور الوضع الامني انعكس بصورة سلبية على عمليات اعادة الحياة الى الاهوار وندعو الله ان تعود الطيور المهاجرة لتحل ضيفة جديدة على سكان الاهوار